نور البيان مشرف قسم الاسلاميات
عدد المساهمات : 444 تاريخ التسجيل : 24/04/2010
| موضوع: لطريق إلى الله... يسير !؟... عسير !؟ الخميس يونيو 10, 2010 11:47 pm | |
| الطريق إلى الله يسير !؟... عسير !؟
رباه أين راحلتي !؟
-------------------------------
ما أكثر السائرين إليك
فأي طريق سلكوا ؟
وفي أي درب ساروا ؟
وأي وسيلة اتخذوها راحلة للوصول إليك ؟
تساؤلات طرحتها فيما مضى
ولم أهتم في الإجابة عليها إلا في ناحية واحدة وهي ( الراحلة ) التي يمكن أن أمتطيها لأصل إلى رحاب رضوانك وعتبات بابك .
أولاً :
راحلة العقل :
سمعت عن قوم ساروا إليك براحلة العقل وهي راحلة عرجاء كم كلت في المسير وكم خانتها خطاها !
وكانت فكرة الوصول إلى الله بالعقل وحده فكرة فلسفية ظهرت في بعض الكتابات الفلسفية مثل رواية ( حي بن يقظان ) لابن طفيل
وحي بن يقظان ولد بجزيرة مهجورة وربته ظبية واهتدى إلى الله بعقله
والجانب الذي تعرض للنقد من علماؤنا ولم أدركه أثناء قراءتي للرواية وهو أنها في طياتها نفيا لأهمية الرسالة والرسل والوحي وهو شيء مخالف للحقيقة
فلا معرفة لله بالعقل وحده فقد عرفناه سبحانه وعبدناه وفقا لما قاله رسله عليهم الصلاة والسلام جميعا وبلغونا عنه سبحانه ما جاءت به الشرائع .
لكني هاهنا أقصد براحة العقل ....لا راحلة الاستدلال على وجوده سبحانه
بل أقصد بها راحلة تقف بي على عتبات التدبر في أسرار كونه
أو كمن يروض راحلة العقل لتيسر به في الطريق إلى الله على هدي دون زيغ أو ضلال
فتكون كما ذكر / خالد محمد خالد ....عن سقراط :
" أنه علمنا كيف نروض راحلة العقل لنمتطيها في الطريق إلى الله "
وأخبرنا تاريخ الفراعين عن ملك عجيب من ملوكهم الذي أنكر تعدد الآلهة البغيض وأشار أن للكون إله واحد خالق وحكيم ....وخانه اللفظ أو قل خيمت عليه سحائب الضلالة أيضا فضَلَّ في تسمية هذا الإله الخالق فأشار إليه بقرص الشمس ( آتون ) وسمى نفسه ( أخناتون ) ابن الشمس على ما أذكر ..... ولا أقصد هاهنا سلامة الفكرة برمتها إلا أن في هذا تأكيدا لما ذكرت سابقا أن الإنسان إذا اعتمد على عقله ضل وزاغ فالعقل لابد له من هداية توفيق وذلك لا يكون إلا من الله وحده سبحانه
فقد هداه عقله المسكين على إنكار التعدد .... ودله على أن للكون إله خالق واحد
ولأن راحلته كانت كسيحة عرجاء ....ضل حينما بحث عن تجسيدا لهذا الإله فعبد الشمس بهتانا وزورا وضلالا .
إذن كم هي ضرورية هداية الله
كانت كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم سائلا أحد الصحابة ( أظنه عمر بن الخطاب ) قال : ألم تكن لكم عقولا يا عمر فتعبدون أصناما لا تضر ولا تنفع !!!!؟
فقال الرجل الملهم : كانت لنا عقول يا رسول الله ولكن لم تكن لنا هداية
نعم والله
ما أهمية وجود العقل بلا هداية من الله !!؟
العقل بدون نور من الله وهداية من لدنه قطعة لحم غبي ...لا فرق بينها وبين قدم أو ساق ...ولا تمايز لها عن حيوان أو حتى جماد
( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
بل إن استخدام العقل المؤمن في الاستدلال على وجود الخالق تبارك وتعالى أفضل ملايين المرات من جهالة العقل السقراطي وفلسفته الفارغة ومن ضلالات وحماقة التفكير الاخناتوني
انظروا إلى بساطة هذا الأعرابي المؤمن :
(إن البعرة تدل على البعير ، وأثار السير تدل على المسير ....أفسماء ذات أبراج ؟ وأرض ذات فجاج ؟ وبحار ذات أمواج ؟ ألا تدل على اللطيف الخبير !!؟ )
إنه استفهام استنكاري من فطرة نقية سليمة وعقول ما بها من سقم
فطرة من شدة نقاءها جعلت أحدهم يصعق ويخر مغشيا حينما تتلى عليه آيات من القرآن ،
سمع أعرابي قول الله :
( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )
فخر مغشيا وهو يقول :
من أغضب الحليم ليقسم لنا أنه لحق !!؟
ولعل لسان الحال هنا يذكرني بقصة يقشعر منها جلدي دوما وهي
( ما ماتت عليه عجائز نيسابور )
وقد حررتها في مقال مستقل إلا أنه لا مانع من ذكرها باختصار هاهنا للفائدة
ومفاد القصة :
أن الفخر الرازي صاحب التفسير الكبير ( مفاتح الغيب )
كان يسير برهبة العلماء في موكب مهيب من طلاب العلم خلفه في شوارع نيسابور
فمروا على عجوز فسألت من الرجل ؟ أهو ملك أم أمير ؟
فقالوا لها : إنه الفخر الرازي الذي وضع في ألف دليل على وجود الله !
فقالت العجوز في تهكم : وهل يحتاج وجود ربي ألف دليل !!!؟
لولا وجد في قلبه ألف شك لما وضع ألف دليل !!
يا الله جملة والله هزت مشاعر وقلوب العلماء
جعل بعضهم بعد أن صال وجال في دروب الفلسفة واتباع تخبطات العقول
جعلته يقول على فراش الموت :
( يا ليتني أموت على ماتت عليه عجائز نيسابور )
أرأيتم :
كيف أن راحلة العقل بصدق راحلة خطيرة في الطريق إلى الله بشرط واحد أن تجد لها حادي يلهب حماسها بحدائه ، ودليل ماهر يسير بها بنور الله وبهدايته
بدون الدليل والحادي صارت راحلة هوجاء متخبطة وكان ضررها أكبر بكثيييير
وأوردت صاحبها المهالك بدلا من طرق النجاة والفوز
ويا لخسران وخيبة أصحابها يوم أن يقال :
( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )
فالعقل نعمة جليلة وصدق من قال :
(يا رب إن من وهبته عقلا فماذا حرمته !؟)
فالعقل إن كان متقيدا بقيود الشرع متسنيرا بنور الله يسير في دروب الهداية في طرق السائرين إلى الله على هدى وعلى صراط مستقيم
لا من نفسه !
بل من نور الملهم وهداية الهادي إلى سواء السبيل تبارك وتعالى فسبحان الهادي سبحان الملك
*************************************
ثانياً :
راحلة العبادة :
وهناك أناس امتطوا في طريقهم إليك يا رب راحلة العبادة ....أي أنهم تمسكوا بحبال الطاعة وهي راحلة موفقة بإذن الله ما لازمها سرها
وسر العبادة ( الإخلاص ) هو روحها
بدونه تكون كجسد بلا روح .
وراحلة العبادة ليست براحلة يسيرة القواد
بل هي كالجواد الجامح لا يقوده إلا فارس ماهر
نعم والله إنهم فرسان الله قادوا هذي الراحلة بمهارة فائقة
قال ربنا فيهم وفي عبادتهم :
( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )
وهذي أولى صفات القوم
وأهم صفات هؤلاء الفرسان
فمن عادات الفرسان الزهو ...لكن فرساننا هؤلاء أولى سماتهم ( الخشوع ) والخشية لله وحده .
والخشوع هو بمثابة الوقود لتلك الراحلة وبدونه صارت كل العبادات مجرد طقوس جوفاء فإن كانت :
شهادة بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .... ردت عليه وقال الله كذبت
وإن كانت صلاة وقد ضيعها وضيع سرها وخشوعها: لم ترق فوق رأسه وقذفت في وجهه
وإن كانت صياما : يا لخسرانه ...لم يلق المسكين من صومه إلا الجوع والعطش
وإن كانت زكاة : ردت عليه وكانت وبالا عليه
وغيرها وغيرها من كل نماذج الطاعات التي تفقد سر الخشوع
كانت كما ذكرت جهدا ونصبا فقط بلا أجر ولا ثواب
كهؤلاء الرهبان والأحبار وأصحاب البدع وغيرهم من أهل الضلال
كم يجهدون أنفسهم المساكين بلا جدوى وبلا ثواب
بل وكانت خرافاتهم هذي وبالا وندامة عليهم يوم القيامة
ولا حول ولا قوة إلا بالله
( وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية )
(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
نعم والله ( هباء )
لفظة في قمة المناسبة للمقام
مهما زادت أعمالهم فلا أجر فيها ولا ثواب لماذا ؟
لأنها هباء
( ينسفها ربي نسفا )
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )
يا للهول !!
يحسب المرء نفسه مكرَّم وفي أعلى عليين !!
فبدا له خسرانه يومها
ورأى قمة الذل والمهانة
( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
فإذا تحقق الشرط :
وجهز الراكب راحلته بالزاد والوقود يسر الله عليه المسير في ظل قول الله :
( فاذكروني أذكركم )
انظر هنا ذكر بذكر وشرط بشرط
وشتان شتان بين الذكرين
وفي حديث قدسي :
( ما تقرب إلي عبدى بشيء أحب إلى مما افترضته عليه ولا يزال يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ...ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لاعذينه )
وفي الحديث
هذا هو خط السير في الطريق إلى الله
فرائض افترضها وهي أحب الأعمال إليه سبحانه
ونوافل للقربات وبها تدرج حتى تنال الفوز العظيم في خاتمة الحديث
وهو فوز ما بعده فوز
ولا مجال لقلم كسيح كقلمي أن يشرح أو يعبر عن هذا الجمال
إذن فالعبادة في الطريق إلى الله راحلة جميلة (طالما قيدت بشروطها من الإخلاص والخشوع ) تسير بك إلى الله رويدا رويدا حتى تصل بك لساحات القرب العظيم
وبدون وقودها الذي ذكرت صار ت كل العبادات المتنوعة رواحل كسيحة لا تخطو بك خطوة في طريق القرب للأمام إن لم تسر إلى الخلف أو تسر بك أحيانا سريعا ولكن في طريق آخر وهذا حال أصحاب البدع والضلالات .
أو تشوبها مفسدة أخرى وهي ( العجب ) و ( الرياء )
وتلك أيضا مرودة على أصحابها
فالله سبحانه أخبر عن نفسه أنه :
( أغنى الشركاء عن الشرك )
نعوذ بالله أن نشرك به ونحن نعلم ونستغفره سبحانه لما لا نعلم
أختم القول عن راحلتنا هذي بدعوات :
رب أجعلني أنطق بشهادة وحدانيتك نطقا يهز كياني ووجداني لا مجرد لفظا خاويا
رب اجعل صلاتي تقربا إليك ورادعا لي عن كل فحش ومنكر
رب اجعلني أجود بمالي في الشدة قبل الرخاء
رب أجعل صومي صوم التقوى لا صوم الجوع والعطش
رب وأجعل حجي حج أرواح لا مجرد حج أبدان
فبالأول أرى في البيت ربه
واجعلني يا رب من أهل القرآن وخاصته الذين هم أهلك وخاصتك
أهل القرآن الذين يحرمون حرامه ويحلون حلاله ويحفظون حروفه ويقيمون حدوده وعلمني يارب منه م ينفعني وانفعني بما علمتني
*************************************
ثالثاً :
راحلة الحب :
وضم الطريق إليك صنف آخر اتخذ لنفسه راحلة أخرى وهي ( راحلة الحب )
وراحلة الحب هاهنا مبدأ الصدق فيها أن تتقيد بشرط هام وضروري كما كان لراحلة العبادة شرط الخشوع
فراحلة الحب شرطها الرئيس هو ( الطاعة ) ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
فإن لم يتحقق هذا الشرط كان صاحب الراحلة دعي كذاب
كما قال بن القيم رحمه الله
تعصي الإله وأنت تظهر حبه !
هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
إي والله
إن المحب لمن يحب مطيع
فمن أحب الله أطاعه ومن أطاعه عرف الطريق إليه
وبلور حياته وسلوكياته كلها وفقا لمبدأ وحيد
يحب لله / ويبغض لله
لا لهوى وميل شخصي
فتشرق شمس المحبة الإلهية في قلبه فلا يعرف قلبه للكره سبيل لأي مؤمن من عباد الله
بل تسطع نور هذي الشمس بتسامح رقيق
وأنوه هاهنا لنقطة في غاية الأهمية
كما أن راحلة العقل كان لها علة وهي فقدانها لهداية المولى سبحانه
وكان لراحلة العبادة علتها وروحها التي إن فقدتها صارت جسدا بلا روح وهي ( الإخلاص والخشوع)
كذلك الحال هاهنا
راحلة الحب إن فقدت شرط الطاعة صارت كذبا وادعاء
وكذلك إن ادعى أصحابها
( كما فعل غلاة المتصوفة )
أنهم يحبون الله فقط بلا خوف من عذابه
وبلا طمع في جنته
يحبونه فقط
وما على هذا كان نهج سلفنا الصالح
فلو كانت قلوبنا هي تلك الراحلة التي تقودنا إلى الطريق إلي الله سبحانه
فتكن كما شبهها سلفنا الرااائعون رضوان الله عليهم : ( أنه كالطائر ....رأس وجناحين ....رأسه المحبة ,وجناحيه الخوف والرجاء ) بلا رأس : ( المحبة ) يموت الطائر
بلا خوف أو رجاء لا يطير الطائر ويكون عرضة لكل مهلكة
وقد ضلت في دين الله فرق كثيرة لم تحقق التوازن في جسد هذا الطائر من قدرية ومرجئة وضلال الصوفية وغيرهم من أهل البدع والضلال
*************************
ختاماً :
نهاية القول أن الطريق إلى الله يسير على من يسره الله عليه
عسير وموصد على من أغلق بسوء أدبه وقبح فعله على نفسه أبواب الله المفتوحة دوما
قد ينجو المرء بأن ييسر الله له توازنا بين جميع أنواع الرواحل السابقة
بأن يهب الله عقلا حكيما مفكرا ...مستنيرا بنور من الله وحده
فيطوع هذا العقل في حسن تعبد بخشوع وإخلاص للخالق العظيم ولا يسمح له عقله أن يفسد عبادته بعجب أو رياء
وأن ينبض قلبه بحب الله في صدق دون ادعاء أو كذب ببساطة دونما تكلف ... بأن يستمسك بحبل الله المتين
وأن يسر على أثر من ساروا فوصلوا إلى الله
الصق يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركان
*_ كيف أحبك يا رب !؟
وقرأت فيما قرأت :
أن نبي الله قال لنبيه موسى عليه السلام :
يا موسى حبني ، وحب من يحبني ، وحبب خلقي في !
قال موسى : يا رب أحبك وأحب من يحبك ، فكيف أحبب خلقك فيك !؟
قال الله : أرهم أثر نعمتي عليهم يحبونني .
اللهم ارزقنا حبك
وحبك من يحبك
وحب عمل يقربنا لحبك | |
|